languageFrançais

حفل إليسا بتونس The Big Show.. والتنظيم الـ Slow

بين نجمة قدّمت عرضا يليق بتاريخها وجمهور خرج من القاعة منقسما بين الانبهار والخيبة، يبقى السؤال مطروحا: هل يكفي الـ Big Show على المسرح، إذا كان ما خلف الكواليس يسير بإيقاع أبطأ من انتظارات الجمهور ووعود المنظّمين؟

"إليسا في تونس" جملة فرّقت الجمهور بين "مؤيّد" و"رافض" و"غير مهتمّ"، لكنّ النّجمة اللّبنانيّة نجحت في كسب تحدّي الشبابيك ساعات قبل موعد حفلها الأوّل بتونس منذ صائفة العام 2019، الذي أعلن الـ ''Sold Out'' قبل 24 ساعة واستقبلته القاعة متعدّدة الاختصاصات بالحيّ الرّياضي برادس (القبّة) مساء السّبت 28 ديسمبر 2025.

"سأكون متواجدة كلّما دعوتموني"، أولى الجمل التي صرّحت بها الفنانة لحظة وصولها إلى مطار تونس قرطاج الدّولي في ردّ على تساؤل حول سبب غيابها على المهرجانات التونسيّة وهي التي صعدت على مسرح مهرجان قرطاج الدّولي أوّل مرّة في العام 2004 ثمّ في العام 2009 ضمن الدّورة 45 للمهرجان الذي أوصد الأبواب في وجهها منذ ذلك الحين. ليرفض وزير الثّقافة مهدي مبروك برمجتها في المهرجان في عام 2012 قائلا إنّ 'برمجتها سيكون على جثّته'، ويؤكّد مدير المهرجان مختار الرّصاع في دورة العام 2019 أنّ صوتها 'لا يعجبه' وأنّها 'لا تستحقّ أن تبرمج في قرطاج'.

إليسا والثّأر القديم 

وردّت إليسا حينها 'الناس بتروح وبتيجي وإليسار بتبقى ملكة قرطاج' في إشارة رمزيّة إلى 'علّيسة' الملكة القادمة من 'صور' والتي تقول الأسطورة إنّها أسّست قرطاج على مساحة جلد ثور. وبعد ستّ سنوات من الغياب على مسارح تونس (غنّت صائفة 2019 في مهرجانات دوليّة منها قابس وقفصة) تعود بحفل ضخم بمواصفات عالميّة تنظيميّا وتقنيّا شهرا بعد احتفالها بعيد ميلادها الـ 54 لتؤكّد أنّها 'باقية' فعلا ملكة المسارح الكبرى وأميرة جمهورها الذي أحبّها وغصّت به قبّة رادس التي فتحت أبوبها لأكثر من 10 آلاف شخص وفق التقديرات الميدانية لحضور حفل النّجمة اللّبنانيّة التي كانت سعيدة أيّما سعادة بالحضور والتّنظيم.

وبإطلالة سوداء أنيقة، صعدت إليسا إلى مسرح ضخم جهّز بأحدث تقنيات الصوت والإضاءة، لتقدّم لجمهورها التونسي باقة من أشهر أغانيها التي ردّدها الحاضرون عن ظهر قلب، ليتحوّل الجمهور إلى كورال جماعي يرافق النجمة في لحظات استحضرت فيها نجاحات البدايات، إلى جانب تقديمها أحدث أعمالها من ألبومها الأخير «أنا سكتين».
ويؤكّد هذا التفاعل اللافت جماهيرية إليسا الواسعة في تونس، وعمق الارتباط العاطفي بين الجمهور وأعمالها، ما انعكس حماسا واضحا على أدائها على المسرح لتعبّر عن تأثرها الكبير بحفاوة الاستقبال ودفء اللقاء أكثر من مرّة.

ولم تخف النجمة اللبنانية رغبتها القوية في الغناء مرّة أخرى مستقبلا في مهرجان قرطاج الدولي، معتبرة أن الوقوف على ركحه العريق ''فخر لكل فنان عربي''، في إشارة إلى المكانة الرمزية والتاريخية لهذا المسرح في الذاكرة الثقافية العربية.

حفل ضخم وانتقادات للتنظيم 

ولا شكّ أنّ البهرج والعرض الفنيّ الكبير الذي بثّ مقاطعه على مختلف منصات التواصل والمواقع المتخصّصة في الفنّ وأخبار النّجوم قد يخفي المشكلات التنظيميّة التي واجهت الجمهور والتي تحدّث عنها كثيرون وثّقوا "لخبطة في توجيههم إلى البوابات الخاصة بهم حسب فئة التذكرة" و"عدم حصولهم على مقاعدهم رغم اقتطاع تذاكر بأثمان مرتفعة" و"جلوسهم في أماكن بعيدة لا تتيح لهم سماع صوت الفنانة ولا رؤيتها بوضوح"، ناهيك عن "الصّعود المتأخّر للفنانة اللّبنانية على المسرح" والذي كان في حدود الساعة 20:45، في حين أنّ الإعلان الرّسمي للحفل يُؤكّد على أنّ العرض سينطلق عند الساعة السابعة مساءً، إضافة إلى انتعاش "السوق السّوداء" قبيل الحفل لتسجّل التذاكر ارتفاعا مبالغا فيه وهذا ما يفسّر حالة الاستياء التي عبّر عنها عدد من الحاضرين في الحفل. 

وإلى جانب الإخلالات اللوجستية، فوجئ الصحفيون برفض المنظّمين تمكينهم من أيّ تصريحات صحفية بدعوى أنّ الفنانة ترفض ذلك، في خطوة أثارت تساؤلات مشروعة حول احترام حقّ الإعلام في النفاذ إلى المعلومة، خاصّة في تظاهرة فنية كبرى تقام أمام جمهور واسع وبأسعار تذاكر مرتفعة.

وبين نجمة قدّمت عرضا ضخما يليق بتاريخها وجمهور خرج من القاعة منقسما بين الانبهار والخيبة، يبقى السؤال مطروحا: هل يكفي الـ Big Show على المسرح، إذا كان ما خلف الكواليس يسير بإيقاع أبطأ من انتظارات الجمهور ووعود المنظّمين؟..

الواثق بالله شاكير