languageFrançais

فرحات حشّاد.. زعيم نقابي ووطني خالد

تحيي تونس اليوم السبت 4 ديسمبر 2021 الذكرى التاسعة والستين لاغتيال الزعيم الوطني والنقابي فرحات حشاد، الذي بقي خالدا من خلال ما قدّمه لوطنه من فكر مستنير تقدّمي وتأسيسه للاتحاد العام التونسي للشغل، قبل أن تطاله يد الغدر يوم 4 ديسمبر 1952.

 ويعدّ حشّاد أحد أهم رجالات الحركة الوطنيّة في تونس قبل الاستقلال، ولمع نجمه بعد تأسيسه للاتحاد العام التونسي للشغل عام 1946 واكتسب شعبية عارمة بين الطبقة العاملة التونسية.

لكن يد الاستعمار لم تُطق ما أحرزه من شعبيّة داخل تونس وحتى في الأوساط النقابية العمّالية في العالم بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، فقرّرت اغتياله على يد عصابة من الفرنسيين المقيمين بتونس تدعى ب"اليد الحمراء" بمنزله بالضاحية الجنوبية لتونس العاصمة عام 1952.

 نشأته

ونشأ فرحات حشاد داخل عائلة فقيرة بقرية العباسية بجزيرة قرقنة وولد في 2 فيفري عام 1914، واضطر بعد وفاة والده إلى ترك المدرسة والعمل لدى إحدى شركات النقل البحري في مدينة سوسة، ومنذ البداية بدأ في تكوين نواة اتحاد العمال التونسي الذي كان وقتها تابعاً للكنفدرالية العامة للشغل الفرنسية. وازداد نشاطه العمالي إلى أن اضطر لترك وظيفته بسبب هذا النشاط سنة 1939. 

وانتقل إلى صفاقس عام 1943 بعد اختياره رسمياً موظفاً عاماً وهناك استأنف نشاطه العمالي في اتحاد عمال صفاقس وتزوج في نفس العام من ابنة عمه آمنة. اختلف في العام التالي مع الاتحاد الإقليمي الذي كان يتبع الكنفدرالية العامة للشغل الفرنسي. فترك الاتحاد وكوَّن هو وعدد من زملائه اتحاد النقابات المستقلة بالجنوب ودعا إلى المساواة بين العمال التونسيين وأقرانهم الفرنسيين في الحقوق المدنية والمساواة ثم بدأ في الدعوة للاستقلال عن فرنسا.

النشاط النقابي

يعتبر فرحات حشاد من الزعماء القلائل الذين التحقوا بالنضال المبكر والعمل النقابي ففي سنة 1936 أسهم في المجال النقابي داخل الكنفدرالية العامة للشغل الفرنسية وناضل بنشاط وسط هذه النقابة. 

وكان من ثمرات هذا المسار والنشاط الفعلي من أجل خدمة الصالح العام تأسيسه للاتحاد العام التونسي للشغل سنة 1946، وسعى حشاد منذ البداية إكساب المنظمة طابع الاتحاد والتعاون والانتشار، حيث دعا مجموعة من الشيوخ الزيتونيين لحضور التأسيس ومن أبرزهم العالم محمد الفاضل بن عاشور الذي أسندت إليه الرئاسة الشرفية للاتحاد.

النضال والاغتيال

وبعد تأسيسه للاتحاد، دخلت الحركة العمالية التونسية مرحلة الصراع من أجل التحرير والاستقلال من الاستعمار الفرنسي آن ذاك، وقاد حشّاد عديد المظاهرات والإضرابات والاحتجاجات المطالبة بالتحرير وبتحسين مستوي الحياة والعمل للتونسيين.

مما أقلق كثيرا المستعمر والحكومة الفرنسية وبدأت تفكّر في التخلّص منه، وفي صباح يوم 5 ديسمبر عام 1952 تم تنفيذ خطة الاغتيال،  وتبعته سيارة في الطريق من الضاحية بجهة رادس وأطلقوا عليه النار وفرَّت السيارة هاربة، ولكن حشاد أُصيب فقط في ذراعه وكتفه وتمكّن من الخروج من السيارة وبعدها بثوان ظهرت سيارة أخرى وأجهزت عليه بإطلاق النار على رأسه ثم إلقائه على جانب الطريق.

وبعد التأكّد من موته وعندما أُعلن نبأ اغتياله اجتاحت المظاهرات مدن العالم من الدار البيضاء إلى القاهرة ودمشق وبيروت وكراتشي وجاكارتا وامتدت أيضاً إلى مدن أوروبية مثل ميلانو وبروكسل وستوكهولم وتحوّلت في الدار البيضاء إلى أعمال عنف راح ضحيتها حوالي أربعين شخصاً.

اغتيل حشاّد وبقي فكره التحرري والتقدمي خالدا إلى اليوم.

خليل عماري