languageFrançais

نصر: هذا ما نخشاه من تجييش الشارع.. وحذار من 'الثقافة العنفية'

اعتبر الدكتور الباحث في علم الاجتماع سامي نصر أن خروج الشعب الى الشارع للتعبير أو للمطالبة أو الاحتجاج هي حالة صحية وليست مرضية، غير أن ما يعتبر غير صحي هو أن يكون التحرك مشحونا بالشيطنة والشيطنة المضادة أوالنقمة والنقمة المضادة.

وقال نصر إن المجتمعات تعمل بالاختلاف وليس بالتجانس على غرار لوحات الفيسفاء التي تشكل مشهدا فنيا رغم اختلافات ألوان وأشكال الأحجار التي تكوّنها، وتلك هي تونس "المتعايشة" التي نريد وفق تقديره.

وأضاف الدكتور في علم الاجتماع  ''لا يخيفني ارتفاع عدد الجماهير المؤيدة او المعارضة لقرارات رئيس الجمهورية لان من يتقن فن اللعب هو الاقدر على التعبئة الجماهيرية، لكن المخيف حقا هو ارتفاع عدد الجماهير التي تتبنى عقلية اللامبالاة واختيار موقع المتفرج، وهو الخطر الحقيقي في تونس".

وبين نصر أن تونس الى حدود ما قبل يوم 25 جويلية 2021 كانت تعيش ظاهرة عزوف الشباب والشعب عن المشاركة في الشأن العام، مشيرا إلى أن دراسة تم نشرها قبيل أحداث الثورة في 2010 و2011 أظهرت أن 85 بالمائة من الشعب التونسي عازف عن الشأن العام والشأن السياسي والجمعياتي، وتراجعت هذه النسبة عقب الثورة إلى ما بين 10 و15 بالمائة، غير أن هذا المؤشر عاد إلى الارتفاع في السنوات الاخيرة.

واعتبر أن تاريخ 25 جويلية والإجراءات التي تم إقرارها مثلا تعد حدثا كبيرا في تونس بما جعل الأغلبية الصامتة تحصل معها شبه انتفاضة.

وحدز نصر من ملل الشعب من الصراعات والشيطنة والشيطنة والمضادة والنقمة والنقمة المضادة بما يدفعه مجددا إلى العودة إلى ارتفاع نسب العزوف وهو أمر مخيف، وفق قوله.

وبين الباحث في علم الاجتماع أن هناك اطرافا تستثمر في العزوف باعتبار أنه يشمل الجماهير غير المضمونة، في وقت يراهنون فيه فقط على الجماهير المضمونة في الانتخابات لاعادة انتاج نفس المشهد السياسي السابق.

وقال نصر إنه من مصلحة العديد من القوى أن يكون هناك عزوف كبير في تونس لأن أصوات الشريعة العازفة لا يعرف مصيرها وإلى أين ستذهب.

حرب التجييش وحرب الكم في الشارع

ولاحظ أن مع غياب الاطر المؤسساتية للتعبير وفقدنها لوجودها في الساحة، اصبح من يعبئ أكثر هو الأجدر ورأيه الرأي الصواب، بما يفتح الطريق لحرب التجييش وحرب الكم في الشارع والمخيف في ذلك هو تحول "الشحنة العنفية" الى "ثقافة عنفية" متسائلا عن قدرة الداعين للتحركات على تأطير الجماهير والتحكم فيها.

واعتبر نصر أن غياب الاتحاد العام التونسي للشغل عن تأطير الشارع يعد مخيفا باعتباره المنظمة الاكثر عراقة وتجربة في تحريك وتأطير الشارع.

كما قال إن تونس اليوم مقدمة على دخول مرحلة الفوضى العارمة التي يمكن ان تفضي الى اشياء ايجابية لا يمكن تصورها، لكنها قد تفضي ايضا الى الفوضى المخيفة موضحا ان يقرون بان "التغيير صعب في البداية وفوضى في المنتصف ورائع في النهائية" وفق مقولة الكاتب الكندي روبن شارما.

واعتبر أن مرحلة منتصف الفوضى التي تعيشها اليوم هي طريق للتغيير في البلاد معبرا عن امله في ان تكون النهاية رائعة وفق تعبيره.

*الحبيب وذان