languageFrançais

ذكرى وفاة الهادي نويرة: إصلاحات ثورية لرائد الانفتاح الاقتصادي

''رجل دولة كوّن البنك المركزي التونسي وسهر على تطويره لأكثر من 12 سنة'' بهذه العبارات وصف اليوم محافظ البنك المركزي مروان العباسي أحد أهم الرجال الذين تركوا بصمة خالدة في تاريخ هذا الوطن وأحد أبرز بناة تونس الحديثة...رجل سخر حياته لخدمة تونس أسس وساهم في بناء اقتصاده وجعل عملته معترف بها دوليا ووضع حجر الأساس لمنوال اقتصادي نجح على المدى القصير والمتوسط " البرنامج الاقتصادي لحكومة الهادي نويرة 1980/1971 من الأزمة إلى الإقلاع" كان عنوان لقاء نظمه اليوم الجمعة 24 جانفي 2020 البنك المركزي التونسي بمناسبة مرور27 سنة على فقدان تونس لوزيرها الأول آنذاك الهادي نويرة.

وحضر عدد من الوزراء زمن نويرة ورجال دولة عايشوه طيلة مسيرته وخاصة بين 1970 و1980 وهو على رأس الحكومة التونسية حيث اجمعوا كلهم على أن هم نويرة الوحيد آنذاك كان تخليص البلاد من الوضع المالي والاقتصادي المتردي الذي كانت تعيشه تونس في أواخر الستينات وهو ما نجح في تحقيقه في سنتين او ثلاثة حيث تمكن من إعادة التوازن المالي للبلاد، وخفض من العجز التجاري للميزانية.

الهادي نويرة "كبير البنك المركزي" 

وتذكر محافظ البنك المركزي مروان العباسي في حديثه لموزاييك رجل دولة بعث البنك المركزي التونسي وسهر على تطويره لأكثر من 12 سنة من 1958 إلى 1970 وقال العباسي أن نويرة والذي وصفه ب"كبير البنك المركزي" يعتبر رمز من رموز الاقتصاد الوطني الحديث حيث قال " الهادي نويرة هو الذي أرسى السياسة النقدية لتونس و جعل من عملة الدينار التونسي معترف بها دوليا وفي وقت ما ذات قيمة عالية حتى في الخارج".

"رئيس حكومة الإنجازات"

عين رئيس الجمهورية الراحل الزعيم الحبيب بورقيبة الهادي نويرة على رأس الحكومة التونسية في نوفمبر 1970 في ظرف اقتصادي ومالي صعب تمر به تونس انذاك خاصة بعد تجربة التعاضد. فترة نويرة تميزت بعودة الثقة والاستثمار وخلق الثورة حسب مروان العباسي الذي شدد على أن دور نويرة لم يقتصر فقط على خلق الثورة بل وزعها بشكل عادل حيث بلغت نسبة النمو في فترته ما يقارب 7.5% وساهم عندها في خلق الشركات الخاصة وشجع على المبادرات الشبابية وذلك عن طريق عديد صناديق التمويل التي ارساها وجعلها مصدر ثروة للمبادرات الخاصة على غرار صندوق اللامركزية الموجه للباعثين الشبان.

 وكانت سياسة الهادي نويرة سياسة اقتصادية تحريرية بالنسبة للاقتصاد التونسي خاصة  من جانب القوانين والتشريعات المكلفة للاستثمار ، كما أصدر نويرة قانون أفريل 1972  الذي شجع المؤسسات الاقتصادية على الاستثمار في تونس وقدم لها امتيازات كبيرة خاصة من الجانب الجبائي.

واعتبر الخبير في المجال البنكي أحمد كرم أن سياسة الهادي نويرة الاقتصادية كانت استشرافية وارتكزت على أربعة أبعاد أساسية أولها الحوكمة الرشيدة ونجاعة المؤسسات الاقتصادية التونسية وثانيا السياسة التحررية مع الاهتمام بشكل كبير بالبعد الاجتماعي مشددا على أن في عهده القسط الأكبر من ميزانية الدولة كان موجها لفائدة التربية والتعليم إضافة الى أنه كان من أبرز  المدافعين عن التنمية الجهوية العادلةK مشيرا الى أهمية العقد الإجتماعي الذي أمضاه مع الاتحاد العام التونسي للشغل  لضمان استقرار المناخ الاجتماعي في تونس  .

الهادي  نويرة كما وصفه كرم رجل الدولة بامتياز الثوري والجريء في إصلاحات الاقتصادية التي كانت تدرس بعمق مضيفا "يجب التمعن في الإجراءات الهامة التي اتخذها نويرة واستخلاص العبر من سياساته لصالح الاقتصاد الوطني ".