languageFrançais

أيّ ليلة عصيبة عاشها التونسيّون أمس؟

إن كنتَ أحد متساكني العاصمة أو تونس الكبرى، فلا بدّ أنك عايشت أو سمعت بمن علِقوا في الطرقات أو الشوارع أمس، إما داخل سياراتهم أو في الشوارع خلال رحلة بحث محموم عن وسيلة نقل.. بلا جدوى. 

ليلة البارحة كانت إحدى الليالي العصيبة التي تسببت فيها الأمطار مجددا، وكما جرت العادة تحوّل الغيث النافع إلى ضيف مخيف كلما حلّ سارع الناس إلى بيوتهم ليحتموا بها قبل أن يعلقوا.

ليلة أمس إنتهت رحلة بعضهم للعودة من عملهم أو من قضاء حوائجهم التي تحتاج دقائق عادة، في ساعات متأخرة جدا من الليل، بعد أن قضوا ساعات طوالا عالقين في طوابير الإنتظار الطويلة التي بدت بلا نهاية، وبين الأزقة والأنهج التي أغرقتها المياه، هذا إن لم تطلهم يد المنحرفين الذين إستغلوا الأمر وحاولوا نشل ما طالته أياديهم متسببين في حالة من الرعب المضاعف.. الأمر وصل حدا أخطر، إذ تداول مستخدموا وسائل التواصل الإجتماعي، أن إمرأة داهمها المخاض وهي عالقة في إحدى الطوابير. 

 


أحداث البارحة بدأت بهطول كميات هامة من الأمطار منذ ما بعد ظهر أمس، وهي أمطار متوقعة نبّه لها معهد الرصد الجوي مسبقا، وصاحبها نزول للبرد بكميات كبيرة في عدد من مناطق ولاية أريانة، لتتكوّن بسرعة برك المياه وتغمر الطرقات والشوارع مما تسبب في زحمة سير كدنا نتعوّدها، وتشكلت بسرعة طوابير السيارات في مختلف طرقات العاصمة.. لكن الأمر لم يقف عند هذا الحد، فتزامنا مع موعد خروج آلاف الموظفين من مواقع عملهم، تم إغلاق طريق تمثل أحد شرايين العاصمة، وهي الطريق الوطنية رقم 8 الرابطة بين تونس وبنزرت، في الإتجاهين

وتمثل الأمر في إقدام عدد من المواطنين الغاضبين على غلق هذه الطريق المؤدية إلى أحياء ولاية أريانة وولاية بنزرت، وذلك إحتجاجا على وضع البنية التحتية لحيّهم الذي غمرته المياه، ثم قاموا بإشعال العجلات المطاطية والقمامة مطالبين بحضور مسؤولين لإيجاد حلول عاجلة لهم..

وتشكّلت الطوابير سريعا وتوقفت حركة سير السيارات لتصبح حالة من الشلل التام التي طالت شيء فشيء مداخل العاصمة المختلفة ومناطق كثيرة.. ووسط حالة من الإحتقان ودون فهم لما يحصل، وجد آلاف المواطنون أنفسهم عالقين في سياراتهم لساعات طويلة.. وسط غياب شبه تام للسلطات الأمنية أو لحرس المرور، أو تدخّلات جاءت متأخرة رغم نداءات الإستغاثة التي وجهها المواطنون

 

 

أما مستعملوا وسائل النقل العمومي، فقد وجدوا أنفسهم مضطرين إلى النزول من الحافلات لإكمال الطريق على الأقدام، وهناك خاضوا معارك جديدة مع مخاطر الطرقات المظلمة التي أغرقتها برك المياه والأوحال.. 

ونحن في كل هذا، على موعد قريب مع صندوق الإقتراع، ومن عايشوا ليلة البارحة الطويلة، سمعوا طوال النهار مئات الوعود والتعهّدات الإنتخابية التي تعدهم بأن تتحول البلاد إلى فردوس مثالي، فيما لا نطلب منهم غير أن نصل بيوتنا سالمين وأن لا تُغرقنا الأوحال كلّما تهاطلت قطرات المطر.. فهل من مجيب؟