languageFrançais

استفتاء: سعيد ينتقد القضاء ويذكّر بقرار للمحكمة الإدارية في 2013

لم تخل كلمة رئيس الجمهورية قيس سعيّد بمناسبة ختم الدستور الجديد من انتقادات للقضاء، وذلك في علاقة بنظر المحكمة الإدارية في الطعون المقدمة في نتائج الاستفتاء على الدستور.


وقال سعيّد ''بالرغم من  أنّ هذا اليوم ليس يوما للدخول في سجال قانوني فإنّ الواجب يقتضي التذكير  بقرار المحكمة الإدارية المؤرخ  في  26 من شهر جوان 2013 الذي ورد فيه بالحرف الواحد ما يلي: ان القرارات الصادرة عن المجلس التأسيسي  في إطار مهامه التأسيسية أو التشريعية أو الرقابية أو غيرها من المسائل المتصلة بها  تخرج بطبيعتها عن ولاية القاضي الإداري"".


وأضاف  سعيّد أنّ مثل هذا الموقف معلوم وراسخ  ومألوف في عدد من الدول الأخرى، متسائلا "كيف لسلطة مُؤسَّسَّة أن تراقب إرادة السلطة التأسيسية الأصلية؟ فهي تصدر الأحكام والقرارات باسم الشعب وتتولى مراقبة الشعب حينما يفصح عن إرادته في الاستفتاء" 

''الهرم القانوني  قلبوه رأسا على عقب"

وتابع "لو كان (هانز) كيلسن صاحب النظرية الخالصة للقانون والترتيب التفاضلي للقواعد القانونية لو كان هذا الفقيه المعروف على قيد الحياة لمات مرة ثانية حزنا وكمدا على ما وصل إليه تأويل القانون في تونس''.


وقال رئيس الجمهورية: "ومع ذلك انتظرنا البت في الطعون  في ظلّ هذا الهرم القانوني الذي قلبوه  رأسا على عقب" 


وحول الانتقادات بشأن عدم دستورية الاستفتاء على الدستور قال سعيّد ردا على ''البعض ممن يريد الإصرار على الخطأ ومازال  يتعلّل بالقانون المتعلق بالانتخابات والاستفتاء" إن الاستفتاء المنصوص عليه في ذلك القانون يتعلق بالاستفتاء في ظلّ الدستور الذي انتهى، وفق تصريحه.

ودعا في سياق آخر  القضاة أن ''يكونوا في الموعد لمحاسبة من استولى على مقدرات الشعب المنهوبة في الداخل والخارج''.

وتولى رئيس الجمهورية قيس سعيّد  ختم الدستور الجديد والإذن بإصداره لينطلق به العمل حالا، وفق ما جاء في كلمة له بهذه المناسبة.

وقال: هذا دستور الشعب يتمّ ختمه اليوم وإصداره  لينطلق العمل به حالا. دستور دستور الجمهورية  التونسية لـ 26 من شهر ذو الحجة الحرام من سنة 1443 الموافق لـ 25 جويلية 2022''.

وقام سعيّد بختم الدستور بعد أن أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أمس الثلاثاء عن النتائج النهائية للاستفتاء حول الدستور الذي أُجري في الـ 25 من جويلية الماضي.

ووصف سعيّد هذا اليوم بالتاريخي، معتبرا أنّه ''يوم من الأيام التاريخية الخالدة وهي كثيرة وليس أقلها 25 جويلية من هذه السنة والسنة التي قبلها''، في إشارة إلى انطلاق مسار 25 جويلية بعد تفعيل الفصل 80 من دستور جانفي 2014 وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي وتجميد عمل مجلس نواب الشعب قبل أن يقوم بحلّه.

وقال رئيس الدولة إنّه ''يوم التطابق بين الشرعية الدستورية والمشروعية الشعبية''، معتبرا أنّ ما قام به هوّ ''تصحيح لمسار الثورة ومسار التاريخ''، بعد أن ''ساد الظلام... واستفحل الظلم في كل مكان...''.

وواجه سعيّد انتقادات داخلية وخارجية كبيرة منذ اعلانه مسار 25 جويلية وصولا للاستفتاء، اذ يعتبر معارضوه أنّه يؤسّس من خلال الدستور الجديد لسلطة مطلقة ولنظام ''رئاسوي'' بتعزيز صلاحياته خارج أي رقابة للمجلس النيابي الذي تمّ تحديد اختصاصاته بشكل كبير، وفق عديد السياسيين وأخصائيي القانون الدستوري.


وأعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أمس الثلاثاء  النتائج النهائية للاستفتاء على الدستور الجديد للبلاد، حيث بلغت نسبة التصويت بـ'نعم' 94.60% (مليونان وستمائة وسبعة آلاف وثمان مائة وأربع وثمانون إجابة بنعم) ، فيما بلغت نسبة الإجابة بلا 5.40% (148 ألف و723 إجابة بلا).

ما بعد إقرار الدستور الجديد

وبعد دخول الدستور الجديد حيّز التنفيذ، أكّد قيس سعيّد أنّه ''سيتمّ إرساء المحكمة الدستورية في أقرب الآجال للحفاظ على الدستور وحماية للحقوق والحريات''.

كما أعلن أنّه سيتمّ وضع قانون انتخابي جديد في الفترة القادمة، تمهيدا للانتخابات التشريعية المرتقبة في 17 ديسمبر المقبل وفقا للروزنامة التي أعلن عنها في ديسمبر 2021 خلال كلمة توجّه بها للشعب التونسي.

وكشف سعيد أنّ قضية العدل الاجتماعي تقتضي العناية والرعاية في المقام الأول في الفترة المقبلة، مشيرا  إلى أنّه ''آن الأوان لوضع سياسات جديدة وتشريعات مختلفة في ظل مقاربة وطنية شاملة لا في ظل مقاربات قطاعية معزولة اثبتت التجربة فشلها''.

واعتبر أنّ ارساء المجلس الوطني للجهات والأقاليم الذي نصّ عليه الدستور الجديد يصبّ في هذا الاتجاه.

ولكن حديث الرئيس المتكرر عن سعيه لتحسين وضع التونسيين يجابه بالتشكيك من قبل المعارضين خاصة مع البرنامج الإصلاحي الذي أعلنته الحكومة والذي يتضمّن من بين محاوره تقليصا من الدعم وجملة من الإصلاحات الأخرى للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي لتغطية عجز الميزانية، معتبرين أنّ ذلك سيكون له انعكاسات سلبية على الطبقات الفقيرة والمتوسّطة.

 

شكري اللّجمي