languageFrançais

السودان.. إلى أين؟ 

أعلن وزير الدفاع السوداني عوض بن عوف خلال تلاوته بيان القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية اليوم الخميس 11 أفريل 2019، "اقتلاع النظام" واعتقال رئيس البلاد عمر البشير و''الاحتفاظ به في مكان آمن"، بعد أربعة أشهر من الاحتجاجات الشعبية المطالبة بتنحي البشير. 

كما أعلن بن عوف "تشكيل مجلس عسكري انتقالي'' يتولى إدارة حكم البلاد لفترة انتقالية مدتها عامان مع فرض حالة الطوارئ لـ3 أشهر وحظر تجول لمدة شهر بداية من الساعة الـ 10 ليلا، مع إغلاق الأجواء لمدة 24 ساعة.
 

الاحتجاجات في السودان: كيف بدأت ومن قادها؟

بداية تحرّك الشارع السوداني ضدّ النظام كانت في ديسمبر 2018 في مظاهرات ومسيرات شعبية انطلقت من بعض المدن بسببِ الترفيع في سعر الخبز 3 أضعاف، لتمتد بعدها إلى العاصِمة الخرطوم.

وقد جوبهت هذه الاحتجاجات برد فعل عنيف من قِبل السلطات التي استعملت مُختلف الأسلحة وصلت حدّ استعمال الرصاص الحيّ مما تسبب في سقوط عشرات القتلى والجرحى في صفوف المتظاهرين.

وتواصلت الاحتجاجات لـ4 أشهر ولم تهدأ ولم يتزعمها طرف سياسي لتشهد بعدها انضمام أحزاب سياسة معارضة وجمعيات مستقلة وغير حكومية وبرزَ اتحاد المهنيين الذي عملَ على تنظيم التظاهرات وتنسيقها والدعوة إليها،  وقد تحوّلت المظاهرات إلى أعمال عنف وشغب وحرق لمكاتب حزب الرئيس المعتقل عمر البشير .

وأعلنت السلطات السودانية تعليق الدراسة في كل الجامعات وحالة الطوارئ وفرض حظر التجوال من السادسة مساء واعتقال عدد من المعارضين. 

نهاية 3 عقود من حكم البشير

المعلوم أنّ الرئيس المطاح به عمر حسن البشير هو عسكري التكوين وصل إلى الحكم في 1989 عقب انقلاب بدعم من الإسلاميين وعاش السودان في ظل ولايته فترات من عدم الاستقرار والعنف وشهدت فترة حكمه تقسيم السودان واستقلال الجنوب عن الشمال.

والبشير مطلوب من محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في حربه مع الانفصاليين بإقليم دارفور وهي ليست المرّة الأولى التي يثور فيها السودانيون ضدّه .

في 2013 شهدت البلاد موجة من الاحتجاجات للمطالبة برحيله لكنّه سرعان ما تمكن من احتوائها ولكن الشارع ثار عليه مجدّدا منهيا حكمه الذي استمر لثلاثة عقود وبداية مرحلة جديدة تحت سيطرة الجيش.... فهل ستتمكّن المؤسسة العسكرية في السودان من الصمود طويلا لاستعادة الاستقرار والدعوة إلى انتقال سياسي مدني سلمي أم ستقع فيما وقعت فيه مؤسسات عسكرية في دول أخرى استمر حكمها لعقود طويلة من الزمن؟

شوارع البلاد حيث لم تعش على وقع احتفالات أو فرحة ''بالانتصار''، بعد تلاوة البيان العسكري رقم 1، الذي كان في ظاهره ''استجابة'' لمطالب المحتجين والثائرين لرحيل النظام، بل على العكس اعتبر منظمو الاحتجاجات أنّ "سلطات النظام نفذت انقلابا عسكريا"، رافضين ما ورد في هذا البيان الموصوفبـ''الانقلابي''. 

وأصدرت ''قوى إعلان الحرية والتغيير'' وهو ائتلاف من المهنيين والمعارضين تشكّل مع بداية الاحتجاجات في السودان، بيانا عبّرت فيه عن رفضها لما ''ورد في ما اعتبروه ''بيان انقلابيي النظام'' ، داعين الشعب السوداني إلى '' المحافظة على اعتصامه أمام مباني القيادة العامة للقوات المسلحة ''.
 

السودان ما بعد البشير
ما حدث في السودان شبيه إلى حد كبير لما حدث في الجزائر مع فوارق جوهرية وهي أنّ المؤسسة العسكرية في الجزائر انحازت إلى الشارع الجزائري والحراك الشعبي ولم تعبّر عن رغبتها في ممارسة الحكم، فيما لم يعبّر الجيش السوادني صراحة عن مدى استعداده لتسليم السلطة للمدنيين عبر انتخابات تشريعية ورئاسية واكتفى بإدانة ما أقدم عليه نظام البشير من ممارسات قمعية أدّت إلى الإطاحة به... فأي مستقبل للسودان في ظلّ وضع يسير نحو التعقيد.