languageFrançais

هل تنجح خطة ترامب في إنهاء الحرب في غزة؟

تشهد مدينة شرم الشيخ المصرية حالياً جولة مكثفة من المفاوضات غير المباشرة، تُوصف بأنها قد تكون الأخيرة لإنهاء الحرب المدمرة في قطاع غزة. تدور هذه المباحثات بين وفد من حركة حماس ووفد من إسرائيل، برعاية مباشرة وجهود دؤوبة من الوسطاء المصريين والقطريين، وفي ظل ضغط هائل وتدخل شخصي من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي طرح خطته المكونة من نحو 20 بندًا لإنهاء الصراع.

1. الإطار العام للمفاوضات: خطة ترامب "ذات الـ 20 بندًا"

تُعد هذه الجولة من المفاوضات محاولة لتطبيق "خطة ترامب للسلام" التي تهدف إلى وضع حد دائم للحرب المستمرة. وتتمحور الخطة حول مسار متعدد المراحل، يبدأ بوقف مؤقت لإطلاق النار لتهيئة الظروف الميدانية، وصولاً إلى تسوية شاملة تتضمن الوقف الدائم للحرب وإعادة الإعمار.

أهداف الخطة الرئيسية:

وقف إطلاق النار الشامل: الانتقال من هدنة مؤقتة لتبادل الأسرى إلى وقف مستدام للعمليات العسكرية.

صفقة تبادل الأسرى: الإفراج عن جميع المحتجزين الإسرائيليين (أحياء وجثامين) مقابل عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين.

الانسحاب الإسرائيلي: انسحاب تدريجي ومرحلي للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة.

إدارة القطاع: تنحية حماس عن الإدارة وتشكيل هيئة فلسطينية مستقلة (تكنوقراط) تتولى الإشراف على شؤون غزة، بدعم وإشراف دولي وعربي.

2. تفاصيل المرحلة الأولى: العقبات التقنية تتحول إلى خلافات جوهرية

انطلقت في مصر مساء الاثنين 6 أكتوبر 2025 مشاوراتٌ غيرُ مباشرةٍ بخصوص خطةِ ترامب لإنهاء الحرب في غزة، وتميزت المرحلة الأولى بتركيزها على التفاصيل التقنية لعملية تبادل الأسرى والمحتجزين، بما في ذلك تنسيق التسليم عبر الصليب الأحمر الدولي، وتحديد مواقع التبادل، وضبط خطوط انسحاب الجيش الإسرائيلي لضمان سلامة العملية.

غير أن هذه المسائل التقنية كشفت وراءها خلافات جوهرية:

نطاق الانسحاب (الخط الأصفر): تطالب حماس بتوسيع نطاق الانسحاب الإسرائيلي عن "الخط الأصفر" المحدد في خريطة ترامب، مبررة ذلك بالحاجة إلى حرية الحركة لتجميع الرهائن المنتشرين في مناطق مختلفة من القطاع.

المهلة الزمنية وقضية الرفات: تطالب حماس بمهلة زمنية أطول من الـ 72 ساعة المنصوص عليها في الخطة، لضرورة جمع رفات الرهائن القتلى المنتشرة في أنحاء غزة، وهي نقطة تبدي واشنطن فيها بعض المرونة.

مطلب وحدة النخبة (الخط الأحمر): تكمن القضية الأكثر حساسية في مطلب جديد قدمته حماس، وهو إطلاق سراح أعضاء ما يعرف بوحدة (النُخبة) ممن اعتقلوا بعد هجوم 7 أكتوبر. تشكل هذه النقطة خطاً أحمر بالنسبة لإسرائيل، التي ترفض الإفراج عن أي من هؤلاء المسلحين، وتتمسك بقوائم الأسرى الفلسطينيين التي تراها مقبولة.

3. الضغط الأمريكي والبعد السياسي للمفاوضات

يُعتبر تفاؤل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المحرك الأقوى لهذه الجولة؛ حيث أعرب عن "تفاؤل هائل" وأكد أن المفاوضات تحرز "تقدماً سريعاً". وقد تعهّد ترامب بإنهاء "معضلة حرب تقف عند عتبة سنتها الثالثة" خلال بضعة أيام، مروّجاً للاتفاق على أنه "صفقة سلام عظيمة".

أهداف ترامب المرتبطة بجائزة نوبل:

ترى واشنطن أن نجاح المرحلة الأولى من خطة ترامب، هو اختبار لجدية الطرفين، وتضغط لإنجازها قبل 10 أكتوبر 2025، وهو موعد إعلان اسم الفائز بجائزة نوبل للسلام. ويرتبط هذا الضغط، بحسب التحليلات، بسعي ترامب لتعزيز فرصه للحصول على هذه الجائزة عبر تتويج جهوده لإنهاء الحرب بالتوصل إلى اتفاق تاريخي في هذا الشأن.

4. شروط حماس والعقبات أمام "اليوم التالي" للحرب

بالرغم من القبول المبدئي لحماس بالخطة، إلا أن موافقتها جاءت مشروطة ومرتبطة بضمانات أساسية، بينما يتمسك نتنياهو بالشرط القاضي بأنه لن يتم الانتقال إلى أي بند من بنود الخطة (مثل وقف القصف أو الانسحاب) قبل الإفراج عن جميع المحتجزين.

القضايا الأساسية في المرحلة الثانية:

يُتوقع أن تُطرح القضايا السياسية والأمنية الأعمق خلال المرحلة الثانية التي من المنتظر أن تبدأ يوم الأربعاء، وتشمل: إدارة قطاع غزة بعد الحرب، ونزع سلاح الفصائل، وتحديد طبيعة الوجود الإسرائيلي في القطاع.

إدارة غزة: الخطة التي صاغها ترامب تقضي بأن إدارة غزة لن تُسند لا للسلطة الفلسطينية ولا لحماس، بل سيُدار القطاع عبر آلية إقليمية دولية تضم قوات أمن عربية تشرف على حفظ النظام.

الواقعية مقابل الخطة: يشير خبراء إسرائيليون إلى أن هذه الصيغة لن تنهي وجود حماس كحركة متجذّرة اجتماعياً وشعبياً، ويقولون إن القضاء على الحركة نهائياً يستحيل دون "احتلال طويل الأمد" للقطاع، وهو خيار يرفضه كل من نتنياهو وترامب.

تستمر المفاوضات في شرم الشيخ وسط أجواء يكتنفها التفاؤل الحذر والشك المتبادل حول النوايا النهائية لتطبيق الخطة والضغط الزمني الأمريكي.

ونجاح المرحلة الأولى مرهون بالقدرة على تجاوز النقاط العالقة للمرور إلى المرحلة الموالية بغاية إيجاد صيغة متفق عليها لضمان استقرار دائم في قطاع غزة.