languageFrançais

طوفان الأقصى.. سنتان مرّت

"طوفان الأقصى".. استفاق العالم يوم 7 أكتوبر 2023 على هذا المصطلح، أخبار عاجلة ونقل مباشر من أغلب قنوات الأخبار العالمية.. بكاء، عويل وإدانات في العواصم الغربية.. فخر وتكبير من الشعوب العربية، فماذا حدث؟

أكبر هجوم على الاحتلال منذ عقود

فجر السبت السابع من أكتوبر من سنة 2023 شنت المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة عملية نوعية على المحتل الغاصب  وشملت هجوما بريا وبحريا وجويا وتسللا للمقاومين إلى عدة مستوطنات في غلاف غزة.

بعد سويعات قليلة، محمد الضيف، قائد الأركان في كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية يعلن عن أكبر هجوم على الاحتلال منذ عقود.

تسلّل المقاومون الفلسطينيون إلى مستوطنات العدو في غلاف غزة عبر السياج الحدودي وعبر وحدات الضفادع البشرية من البحر، إضافة إلى مظليين من فوج "الصقر" التابع لكتائب القسام.

وقال الضيف، في رسالة صوتية مسجلة فجر ذلك اليوم: 'نعلن بدء عملية طوفان الأقصى بضربة أولى استهدفت مواقع ومطارات وتحصينات عسكرية للعدو... هذه الضربة الأولى تجاوزت 5 آلاف صاروخ وقذيفة خلال أول 20 دقيقة من العملية'.

ويحمل الاسم الذي اختارته المقاومة الفلسطينية للعملية "طوفان الأقصى" دلالة الرد على انتهاكات الاحتلال المستمرة للمسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية في مدينة القدس.

حالة حرب، أعلنها العدو ودوت صفارات الإنذار في جنوب فلسطين المحتلة ووسطها ومدينة القدس، في حين أفادت وسائل إعلام عبرية حينها بوقوع معارك بالأسلحة النارية بين مجموعات من المقاومين الفلسطينيين وقوات الاحتلال في بلدات بجنوب الأراضي المحتلة.

وأسفرت العملية خلال ساعاتها الأولى عن مقتل مئات الإسرائيليين بين جنود ومستوطنين، وأسر وفقدان المئات بعضهم جنود، وأدت إلى إغلاق المطارات المحلية وسط وجنوب فلسطين المحتلة أمام الاستخدام التجاري، وألغيت عشرات الرحلات الجوية إلى ما يسمى بـ'' تل أبيب'' بمطار بن غوريون.

صدمة للعدو.. ومفاجأة للعالم

لطالما روجّ الصهاينة أنّهم يملكون أقوى أجهزة استخبارات، وأنّهم ''قوة لا تقهر''، وذلك على مدى عقود، لتأتي هذه العملية وتلقي بظلال الشك على ما يروجونه، ممثلة صدمة للعدو في المقام الأول وللعالم ثانيا، وأثارت تساؤلات عن مدى جاهزية الكيان الصهيوني لمواجهة عدو أضعف بكثير ولكن يتمتع بالعزيمة، حسب وكالة "أسوشيتدبرس" الأمريكية.

"إنه فشل ذريع، هذه العملية في الواقع تثبت أن القدرات الاستخباراتية في غزة لم تكن جيدة''، هكذا صرّح مستشار الأمن القومي السابق لدولة الإحتلال الصهيوني يعقوب عميدرور.

نجحت المقاومة في هجومها وهي التي لطالما دفعت للاعتقاد بأنها غير مستعدة للقتال وأنها مهتمة بضمان حصول العمال في قطاع غزة على فرص عمل عبر الحدود.

'لست مستعدة للقتال'.. هكذا خدعت حماس الاحتلال

ونقل موقع ''الشرق'' عن وكالة رويترز تصريحا لمصدر مقرّب من حماس أنّ مقاتلي الحركة غالباً ما كانوا يتدربون على مرأى الجميع، بينما كان يتم دفع الكيان الصهيوني إلى الاعتقاد بأنه يلجم الحركة التي أنهكتها الحرب من خلال تقديم الحوافز الاقتصادية إلى العمال في قطاع غزة.

وأضاف المصدر "الحركة أعطت المحتلّ انطباعاً بأنها غير مستعدة للقتال".

كما تحدّث المصدر ذاته، عن مخطّط الهجوم الذي يعتبر الأكثر مباغتة منذ حرب أكتوبر قبل 50 عاماً، عندما فاجأت مصر وسوريا جيش الإحتلال، قائلا "حماس استخدمت تكتيكاً استخباراتياً غير مسبوق لتضليل المحتل خلال الأشهر الماضية، من خلال إعطاء انطباع بأنها ليست على استعداد لخوض قتال أو مواجهة أثناء التحضير لهذه العملية الضخمة".

وأشار المصدر إلى أن الكيان المحتلّ ومنذ وقت طويل كان يتفاخر بقدرته على اختراق الفصائل ومراقبتها، ولذلك كان تجنب التسريبات جزءاً حاسماً من خطة "حماس"، لافتاً إلى أن العديد من القادة لم يدركوا الخطط، وأن المقاتلين الذين شاركوا في الهجوم والبالغ عددهم ألف مقاتل، لم يكونوا على دراية بالغرض من التدريبات أثناء إجرائها.

العملية تم تقسيمها إلى 4 أجزاء، الخطوة الأولى تمثلت في إطلاق 3000 صاروخ من غزة بالتزامن مع عمليات توغل نفذها مقاتلون باستخدام طائرات شراعية معلقة عبر الحدود.

وأضاف المصدر المقرب من المقاومة الفلسطينية أنه، "بمجرد هبوطهم بالطائرات الشراعية المعلقة، عمل المقاتلون على تأمين المناطق لتتمكن قوات الكوماندوز من اقتحام الجدار الخرساني المحصن إلكترونياً، والذي يفصل غزة عن المستوطنات، وبنته دولة الإحتلال لمنع عمليات التسلل، وبعد ذلك استخدم المقاتلون متفجرات لاختراق الحواجز، ثم عبروها مسرعين على دراجات نارية، فيما عملت الجرافات على توسيع الفجوات في الجدار ليتمكن المزيد من المقاتلين من الدخول بسيارات رباعية الدفع".

وقال المصدر إن وحدة كوماندوز هاجمت مقر جيش الاحتلال في جنوب غزة وشوشت اتصالاته، ومنعت الأفراد من الاتصال بالقادة أو ببعضهم البعض، مشيراً إلى أن الجزء الأخير من العملية تضمن نقل الرهائن إلى غزة، وتحقق ذلك في وقت مبكر من الهجوم.

يملكون التكنولوجيا.. ونملك العزيمة

يرى أمير أفيفي، وهو صهيوني وجنرال متقاعد في جيش الاحتلال أن أجهزة الأمن أصبحت تعتمد بشكل متزايد على الوسائل التكنولوجية للحصول على معلومات استخباراتية بسبب عدم تواجدها داخل غزة في المقابل، وجد المقاومون طرقاً لتفادي الإمكانات التكنولوجية المستخدمة لجمع المعلومات الاستخباراتية، مما أعطى المحتلّ صورة غير كاملة عن أفكارهم.

وقال أفيفي "الجانب الآخر يعلم كيفية التعامل مع هيمنتنا التكنولوجية، وتوقف عن استخدام التقنيات التي يمكن أن تكشفهم".

من جانبه، اعتبر ممثل حركة حماس في لبنان أسامة حمدان أن الهجوم "أظهر أن الفلسطينيين لديهم الإرادة لتحقيق أهدافهم بغض النظر عن القوة والقدرات العسكرية للعدو''.

وأضاف أن الحركة بنت مستوطنة إسرائيلية وهمية في غزة، حيث أجرى مقاتلوها تدريبات على عمليات إنزال القوات والاقتحام، واصفاً ذلك بأنه "أحد أبرز العناصر في استعداداتهم".

الشهيد .. 'سيد الطوفان'

في حلقة استثنائية من برنامج 'ما خفي أعظم' على قناة الجزيرة، كشف كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الاسلامية حماس تفاصيل غير مسبوقة حول عملية طوفان الأقصى. لقطات حصرية بثها البرنامج، ظهر فيها يحيى السنوار قائد حماس قبل استشهاده.

"وللحرية الحمراء بابٌ، بكل يدٍ مضرجةٍ يُدقّ" كلمات خالدة للشاعر المصري أحمد شوقي، ردّدها السنوار في الفيديو الذي ظهر فيه، قبل استشهاده أثناء قيادته عمليات عسكرية على الأرض ضد قوات الاحتلال.

''كونوا شوكة في حلقهم، طوفانا لا يعرف التراجع، ولا يهدأ إلا حين يعترف العالم بأننا أصحاب الحق، وأننا لسنا أرقاما في نشرات الأخبار''، يقول البعض إنّ هذه الكلمات من وصية الشهيد للفلسطينيين، وصية غدت حقيقة اليوم، بعد أن صرخت عواصم العالم وما انفكت ''الحرية لفلسطين'.

*أميرة عكرمي