languageFrançais

القبة الحديدية الإسرائيلية: درعٌ من وهم.. فضحته صواريخ إيران

في عالم تتسارع فيه وتيرة التهديدات الجوية، أصبحت منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية موضوعًا رئيسيًا في أي نقاش حول الحروب التي يخوضها كيان الاحتلال لما تمثله من جزء هام في دفاعاته الجوية ودور فعّال في حماية أجواء تل أبيب.

فمنذ دخولها الخدمة سنة 2011، قدمت هذه المنظومة طبقة حماية حيوية ضد وابل الصواريخ وقذائف الهاون، كما كانت فعالة للغاية في التعامل مع التهديدات قصيرة المدى إلا أن دورها في التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران بدا أكثر تعقيدًا مما قد يبدو للوهلة الأولى، وأظهرت لقطات مصورة من تل أبيب أول الأسبوع الجاري، فشل عمل صاروخ اعتراضي من منظومة القبة الحديدية وسط دوي صافرات الإنذار تحذيرًا من ضربة صاروخية كانت قد أعلنت عنها إيران مسبقًا.

كما كشفت عملية "طوفان الأقصى" ضعف منظومة القبة، بعد فشلها في التصدي لعدد هائل من الصواريخ التي أطلقتها المقاومة دفعة واحدة. فكيف يعمل هذا الدرع الجوي الإسرائيلي؟ وما هي عيوبه؟.

ما هي القبة الحديـــــــــــــــــــدية؟

بعد حرب لبنان الثانية سنة 2006 وحرب غزة في أواخر عام 2008، عمل كيان الاحتلال على تطوير نظام دفاعي جوي قادرة على اعتراض الصواريخ قصيرة المدى والقذائف المدفعية التي كانت تطلق بكثافة من قطاع غزة وجنوب لبنان، وقامت شركة "رافائيل" لأنظمة الدفاع المتقدمة بتطوير هذا النظام الجوي المتحرك بدعم من الولايات المتحدة.

انطلق تشغيل القبة الحديدية سنة 2011، وصممت لصد الصواريخ قصيرة المدى والقذائف المدفعية من عيار 155 مليمترا، والتي يصل مداها إلى 70 كيلومترا. وتشمل المنظومة جهاز رادار ونظام تعقب وقاذفة مكونة من صواريخ.

كيف تعمل القبة الحديــــــــــدية؟

نشر الكيان المحتل تفاصيل عن نظام "القبة الحديدية" منذ عشر سنوات ويعمل باستمرار على تطويره بدعم من الولايات المتحدة. وهذا النظام قادر على التدخل في أي وقت وفي كافة الأحوال المناخية حتى مع وجود ضباب كامل وانعدام للرؤية وعلى امتداد المناطق المحيطة بالمنطقة.

تعتمد القبة الحديدية على تقنية متطورة لاكتشاف وتتبع وتدمير المقذوفات القادمة، وتتكون المنظومة من رادار للكشف والتتبع، ومركز للتحكم في الإطلاق، وقاذفات تحمل صواريخ اعتراضية".

وعندما يكتشف الرادار صاروخًا أو قذيفة قادمة، يقوم مركز التحكم بتحليل مسارها بسرعة فائقة لتحديد ما إذا كانت تشكل تهديدًا لمناطق مأهولة. في حال تأكيد التهديد، يتم إطلاق صاروخ اعتراض  ليتجه نحو الهدف ويدمره في الجو قبل وصوله.

 

وتحوم صواريخ القبة الحديدية حول القذائف الصاروخية حتى تصطدم بها، وكلما طال مدى الصاروخ استغرق الأمر وقتا أطول لحساب مساره، وأي انحراف يمكن أن يؤدي إلى تغيير كبير جدا في نقطة الاصطدام.

ويتطلب اعتراض الذخائر طويلة المدى رادارات أخرى، ويبلغ مدى القبة الحديدية 4.5 كيلومترات كحد أدنى.

وتعتمد منظومة القبة الحديدية على صاروخ اعتراضي مجهز برأس حربية قادرة على اعتراض وتفجير أي هدف في الجو. وبعد قيام الرادار بالكشف والتعرف على الصاروخ أو القذيفة المدفعية وملاحقة مسار المقذوف، يتم نقل الإحداثيات والمعلومات إلى وحدة إدارة المعركة والسيطرة والمراقبة لتحليل مسار الهدف وتحديد موعد ومكان سقوطه المفترض.

والجدير بالذكر أن الرأس الحربية للصاروخ تحتوي على 11 كيلوغراما من المواد شديدة الانفجار، فيما يتراوح مداه ما بين 4 كيلومترات، و70 كيلومترا، وفق تقارير سابقة.
 

تطوير القبة الحديـــــــــــــدية في 2017


حسب تقرير سابق نشرته صحيفة The Hill نقلاً عن وزارة الدفاع بحكومة الاحتلال الإسرائيلي، "يستخدم نظام القبة الحديدية رادارًا متعدد المهام لاكتشاف مسار الصاروخ.

ويقوم مركز القيادة والتحكم في النظام بتحليل مسار الصاروخ ومنطقة هبوطه المقدرة"، وتتلقى منصة الإطلاق أمر التشغيل من وحدة القيادة والسيطرة لإطلاق صاروخ واعتراض الصاروخ القادم.

وقد تمت ترقية منظومة القبة الحديدية سنة 2017 إلى قدرة اعتراض دقيقة ضد قذائف الهاون التي يزيد طولها قليلا عن نصف متر، كما أعلنت وزارة الدفاع بحكومة الاحتلال الإسرائيلي في مارس 2021 أنها حدثت نظام القبة الحديدية حتى يتمكن من اعتراض الصواريخ والعديد من الطائرات دون طيار.

 

50 مليون دولار تكلفة بطارية واحدة للقبة

تقدر تكلفة كل بطارية واحدة للقبة الحديدية حوالي 50 مليون دولار. بينما تتراوح تكلفة صواريخ "تامير" الاعتراضية بين 40 ألف دولار و50 ألف دولار، لكل صاروخ، وفق تقرير نشره موقع ''الجزيرة نت'' سابقا.

وبين سنتي 2011-2021، قدمت الولايات المتحدة الأمريكية 1.6 مليار دولار لتمويل إنتاج القبة الحديدية، فيما وافق الكونغرس الأمريكي سنة 2022 على تخصيص مليار دولار إضافي لإعادة تزويد صواريخ القبة الحديدية وزيادة إنتاج البطاريات الخاصة بها.


درع فضحت طهران ثغراته ..

ورغم ما أظهرته القبة من كفاءة عالية في تعزيز حماية أجواء الاحتلال، إلا أن الصواريخ الباليستية الإيرانية فضحتها مؤخرا، وكشفت عيوبها.

وحسب خبراء، فإن الصواريخ الباليستية الإيرانية غالبًا ما تكون ذات مدى أطول وسرعة أعلى بكثير من تلك التي صممت القبة الحديدية لاعتراضها.

وفي الهجمات الأخيرة بين إسرائيل وإيران، ورغم فعالية القبة الحديدية والأنظمة الأخرى في اعتراض نسبة كبيرة من الصواريخ والمسيرات، فقد تمكنت البعض من الصواريخ الإيرانية من اختراق الدفاعات وإحداث أضرار في قلب تل أبيب.

طوفان الأقصى وضعف القبة الحديدية

ضعف منظومة القبة الحديدية فضحته أيضا عملية ''طوفان الأقصى'' التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية على مستوطنات غلاف غزة في 7 أكتوبر 2023، إذ لم تستطع التصدي للعدد الهائل من الصواريخ التي أطلقتها المقاومة دفعة واحدة.

وبالتزامن مع إنزال مظلات كانت تحمل عناصر من قوات القسام على ارتفاع منخفض وسط التلال، الأمر الذي أدى لتشتت رادار المنظومة في تحديد هدفها، مما شكل ارتباكا واضحا لها.

ويُضاف إخفاق آخر لنظام القبة، وهو عدم قدرة رادارها على كشف الصواريخ ذات المسار الحاد، وكذلك قذائف الهاون من عيار 120 ملم، وفق تصريح خبراء لموقع ''الجزيرة نت''.