languageFrançais

ماهي أسباب وتداعيات خفض سعر الدينار؟

تواتر الحديث خلال الأيام الأخيرة عن التراجع الحاد للدينار أمام العملات الأجنبية وما سيترتب عنه من آثار على الإقتصاد التونسي. وبلغ سعر صرف الأورو صباح اليوم الجمعة 21 أفريل 2017 2.75 دينار وسط توقعات بأن يهبط سعر صرف الدينار أكثر.

وقال الخبير الإقتصادي عزّ الدين سعيدان في تصريح لموزاييك إنّ العملة هي مرآة تعكس الأوضاع الإقتصادية والمالية، مشيرا إلى أنّ الأوضاع الحالية صعبة جدّا تعكسها كل المؤشرات الإقتصادية التي تبرز عجز الإقتصاد الوطني على خلق النمو ومواطن الشغل وبالتالي عدم خلق ثروة اضافية نتيجة لما وصفها بالسياسات الإقتصادية والمالية غير المحكمة التي أدّت إلى هذا الوضع الصعب، حسب تصريحه.

واعتبر أنّ تصريحات وزيرة المالية الأخيرة، التي وصفها بالخاطئة على مستوى المحتوى وغير الموفقة في توقيتها، قد خلقت نوعا من الهلع والخوف في السوق بإشارتها إلى مزيد من التراجع بالنسبة للدينار.

وأوضح سعيدان في المقابل أنّ موافقة صندوق النقد الدولي مبدئيا على صرف القسط الثاني من القرض كان مشروطا بالقيام ببعض الإجراءات الإضافية من بينها تعديل قيمة الدينار مما يعني عدم تدخّل البنك المركزي على هذا المستوى.

ولاحظ أنّه لا يمكن اعتبار هذه الخطوة بمثابة التحرير الكامل للدينار لعدم توفّر الشروط لذلك، بل هي تعويم جزئي يهدف أساسا إلى اصلاح الميزان التجاري ولو جزئيا من خلال التقليص في الواردات عبر الرفع في كلفتها من خلال خفض قيمة الدينار.


لم نصل إلى مرحلة التحرير الكامل للدينار  


وأكّد أنّ وضع الإقتصاد التونسي الحالي والوضعية المالية غير ملائمان لتحرير صرف الدينار بالكامل وهي مرحلة لا يمكن بلوغها إلّا عندما يكون الإقتصاد في صحّة جيّدة.

وأشار إلى أنّ تونس في 2010 كانت قريبة من تحرير الدينار ولكن تم تسجيل تراجع كبير خلال السنوات الأخيرة. 

وأوضح سعيدان أنّ بلوغ هذه المرحلة يتطلّب توفّر عدّة شروط أهمها تخفيض الدين الأجنبي والترفيع في مخزون العملة إلى مستوى سنة توريد على الأقل للإقدام على خطوة كبيرة مثل هذه.


اجراء يهدف إلى تقليص عجز الميزان التجاري


وأكّد أنّ الميزان التجاري يمرّ بوضع صعب جدا، حيث بلغ العجز خلال الثلاثي الأول من السنة الحالية 3.9 مليار دينار أي  بزيادة تقدر 57 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وهو ما يدعو إلى التقليص من الواردات من خلال التخفيض في قيمة الدينار قصد الحد من الواردات لأنّ قيمتها ستصبح مرتفعة جدا.


التداعيات السلبية


ولكن هذا الإجراء لا يخلو من التداعيات السلبية منها تضخّم أسعار السلع الموردة وارتفاع اسعارها بشكل لافت وبالتالي ارتفاع التضخم المالي وارتفاع في الأسعار بالنسبة للمستهلكين مما سيؤدي إلى تدني القدرة الشرائية.

وبالنسبة للإستثمار، وعلى عكس ما يعتقده البعض، قد يكون لتراجع الدينار انعكاسا سلبيا حيث سينتظر المستثمر أن ينزل سعر الدينار مما سيزيد من بطئ وتيرة الإستثمار.

وأكّد أنّ التداعيات السلبية ستتواصل خصوصا مع الإضرابات والإحتجاجات وعدم وضوح الرؤية وكلّها عوامل منفّرة للمستثمر الأجنبي.


منظّمة الأعراف تطالب بتوضيحات


وكانت منظمة الأعراف قد عبّرت عن قلقها وانشغالها العميق من الهبوط الحاد للدينار بشكل أصبح يمثل خطرا حقيقيا على الاقتصاد الوطني وعلى المؤسسات التونسية وعلى الاستثمار الداخلي وحثّت الحكومة والبنك المركزي على توضيح أسباب هذه النزيف وفق نص البيان.



تحويلات التونسيين بالخارج شبه متوقفة


كما أشار عزالدين سعيدان إلى تأثّر تحويلات التونسيين بالخارج، مشيرا إلى أنّها شبه متوقفة الآن ''أملا في أن ينخفض سعر الدينار أكثر''.

واعتبر أنّ خفض صرف الدينار اضطراري و''شرّ لا بد منه''، مشيرا إلى أنّه نتيجة سوء تصرف في الأوضاع المالية ونتيجة لخيارات اقتصادية وسياسية خاطئة.

وأكّد أنّ الدينار لن يسترجع عافيته إلاّ بإصلاح الإقتصاد وانقاذه وانقاذ المالية العمومية.

شكري اللجمي