سيدي بوزيد: أما آن الأوان أن تنقذ المالوسي من غياهب النسيان؟
تعاني منطقة" المالوسي " من معتمدية منزل بوزيان من العزلة رغم جمالها الطبيعي الخلاب و تربتها الخصبة و غراساتها الكثيفة و المتنوعة و رغم انها تعد قطبا زراعيا هاما و الابرز على مستوى معتمدية المكان حيث تعتمد حاليا على الزراعات المروية و انتاج الخضر البدرية تحت البيوت المحمية الى جانب غراسة الزياتين و اللوز و الفستق و غيرها ...يعيش سكانها أوضاعا صعبة المجالات التنموية و الاجتماعية و المعيشية
* مسالك وعرة و ظروف طبيعية قاهرة
العديد من التجمعات السكانية فيها تعد معزولة و لا زالت تفتقر لأبسط مرافق العيش الكريم و تعاني من الظلم و الحيف و البطالة بحسب من التقيناهم خلال جولتنا في مناطق الانتاج من الحقول و المزارع و مناطق التسلية و الترويح عن النفس ( مقهى و ملعب رياضي ).
فمنطقة " المالوسي " التي شارك ابناؤها القدامى في اهم المحطات النضالية جهويا ضد المستعمر الفرنسي ( معركة جبل المالوسي شاهد على ذلك ) لم تنل منذ عقود حظها في المشاريع التنموية إضافة إلى اهتراء و ضعف شبكة الطرقات و استفحال ظاهرة البطالة و غيرها من المعاناة و النقائص التي أثقلت كاهل السكان و جعلتهم لا يذكرون او يتذكرون بخير من تعاقبوا من المسؤولين على ادارة شان البلاد بصفة عامة و شان الجهة بصفة خاصة منذ ما بعد الاستقلال .

فسكان المنطقة على اختلاف اعمارهم و اختلاف مستوياتهم العلمية و الفكرية عبروا عن تذمرهم اللامتناهي من قساوة الظروف الطبيعية اساسا المتمثلة في انتشار الاودية التي كثيرا ما تتسبب في عزلة سكانها اذا امطرت جراء تراكم الاوحال و سيلان المياه من على طول الهلال الجبلي الشمالي (جبل المالوسي ) الذي يفصل المنطقة عن بقية مناطق المعتمديات المجاورة ( بئر الحفي و السوق الجديد ) و ما ينجر عن ذلك من مستنقعات متفرقة تعطل السير العادي للمرور فاغلب المسالك الفلاحية التي تشق المنطقة المعبدة منها و غير المعبدة مازالت رديئة و كارثية من ذلك المسلك الفلاحي الرابط بين " اولاد علية " و " الظفافلية " و المسلكين اللذين يربطان " وادي العكارمة" ب " العمامرة " و مدرسة " فوفي اليعث ب " شكر " فضلا عن المسالك المعبدة التي تتكاثر بها الحفر و النتؤات حيث نادى المتساكنون بضرورة تهيئة الطرقات و تحسينها لتجنب العزلة و المخاطر التي قد تنجر عن حالتها السيئة .
* خدمات مفقودة و مطالب منشودة
الخدمات الصحية و الاجتماعية و الشبابية و الاقتصادية منعدمة حيث تفتقر المنطقة الى مراكز الصحة الاساسية و نوادي الشباب و القاعات الرياضية و تعاضديات الخدمات الفلاحية و سوق جملة لترويج منتوجاتهم الفلاحية المتنوعة ( زياتين و لوز و فستق و و عنب و خوخ ) و انواع مختلفة من الخضر على غرار الجلبان و الجزر و الفلفل و الطماطم فضلا عن البطالة في صفوف الشباب الذي يعتبر الفئة الأكثر تضررا - على حد قولهم - رغم حصول العشرات منهم على شهائد جامعية و هو ما اجبر اغلبهم على الانخراط في العمل الفلاحي و ما يشوبه من صعوبات جمة تتعلق بضعف الموارد المالية و محدودية الخبرة و منافسة المهرة من الفلاحين الذين سبقوهم في المجال و اصبحوا نافذين يتحكمون في الاسواق و الاسعار و المنتوجات بقوة المال و الانتشار فيما لم يجد البقية بدا للنأي بانفسهم عن مهاوي التردي و المخاطر و هو ماجعلهم يطلقون صيحات فزع لانقاذهم من الضياع الذي ينتظرهم و ذلك بالتعجيل باحداث نقطة او مركز لتجميع للحليب بعد ان تلقى بعضهم وعودا من جمعيات و شركات لتمويل مشاريع خاصة بتربية الابقار التي تعد الاربح و الافضل خاصة و ان المنطقة يتوفر بها حوالي 830 من صغار الفلاحين الذين يتوقون الى تركيز مشاريع تتعلق بتربية الماشية و كهربة ابارهم السطحية التي يناهز عددها 750 بئرا سطحية بامكانها ان توفر كميات هامة من الاعلاف في حال تنظيم القطاع الفلاحي و تطوير منتوجه باعتماد طرق و استراتيجيات علمية موجهة و احداث سوق جملة لمختلف المنتوجات الفلاحية من خضر و غلال و اعلاف و سوق دواب يتم تركيزها باحدى العمادات الاربعة الكائنة بالمنطقة وهي " القلال "و " الخرشف " و" الخروبة "و " اولاد زويد "، على حد تعبير شباب المنطقة.

* ارملتان و يتامى في "مهب الريح "
في هذه المنطقة " المنسية " عاينا حالة اجتماعية قاسية جدا حيث تقيم ارملتان تعانيان من امراض مزمنة عديدة ( السكري و ضغط الدم و ضيق التنفس ) احداهما مسنة و الاخرى في كفالتها يتيمان كلهم يقطنون في " حوش عربي " قديم على وجه الفضل وهو متداعي للسقوط حيث تعددت به شقوق غائرة تسمح للناظر من داخل المبنى برؤية الاشياء الخارجية عبرها و لا تتوفر فيه ابسط مقومات العيش الكريم و مع ذلك استقبلتنا الخالة " اليامنة " المراة المسنة بالابتسامة و اطلعتنا على مكونات وجبة الغداء في ذات المكان الذي تخلد فيه للراحة و النوم و طلبت منا ابلاغ صوتها لاول مرة لمن يهمهم الامر لعلهم ينقذونها من التهميش بعد ان رددت قائلة : " وليدي ما عندي كان وجه ربي العالي ".

* و للرياضيين مطالب
من جانبه شدد الشاب ايمن على ضرورة تدخل الجهات المعنية بالشباب و الرياضة لفائدة ابناء المنطقة في محاولة لانقاذهم من الضياع و الانحراف وذلك بانشاء توادي شبابية و رياضية خصوصا و ان المنطقة انجبت ابطالا في شتى الرياضات الفردية منها و الجماعية و ان من اهتم اهتمامات ابنائها الشبان الرياضة و لعل اكبر دليل على ذلك انشاؤهم ملعبا رياضيا لكرة القدم بمجهودات و مبادرات فردية و قاعة رياضية اخرى على الرغم من قلة تجهيزاتها.
ايمن اضاف انه على الدولة ان تتدخل لانتشال ابناء " المالوسي " من خطر الادمان و الضياع سيما و ان المنطقة تمتاز بمناخ اجتماعي هادئ يشجع على الاستثمار في قطاع الشباب و المضي به قدما ما دامت الرغبة جامحة و الاقبال حثيث على ممارسة مختلف الانشطة الرباضية رغم قلة ذات اليد.

اهالي و متساكنوا منطقة المالوسي عبروا جميعهم عن ضرورة التفات السلط محلية كانت او جهوية الى شواغلهم بعد ان ذاقوا الامرين و عانوا طويلا من الظلم و الإقصاء لأنه حان الوقت - وفق تاكيدهم - لطي المرحلة التي عاشوا تفاصيل آلامها بما حملت و القطع مع الماضي الاليم حتى يوفى ابناء المنطقة " المنسية " بمستحقاتهم " الضائعة " و يحظى المسؤولون بثقة الاهالي الحالمين الذين يتساءلون " أما آن الأوان أن تنقذ المالوسي من غياهب النسيان ؟
محمد صالح الغانمي