القصرين: إسكافي ال90 سنة يحوّل الحلفاء إلى تحف جميلة
وسط أزقة حي النور بمدينة القصرين يجلس الشيخ الطيب، 90 سنة، أمام دكانه القديم بين أنسجة الحلفاء التي جُمعت من جبال القصرين وحُولت الى مواد أولية صالحة لصناعة تحف عديدة.
الحلفاء التي ارتبطت بالقصرين، هي مورد رزق آلاف العائلات في الجهة، تُقطع وتُحول وتُصبغ لتخرج في أبهى حلة، لتحاكي متاعب شاقة ترافق كل مراحلها.
الطيب الذي يعتبر واحد من أقدم إسكافيي تونس يستخدم الحلفاء بدوره ليحولها إلى زرابي وسِلال تسرّ المتأمل في مسار نبتة لا تُغرس ولا تقبل الجمع بالآلات المتطورة لتتحول إلى منتوجات عديدة جرّحت كل الأيادي التي ساهمت في مسار قطعها وتصنيعها.
يرصف الطيب خيوط الحلفاء بيديه المجرحة، ويضربها بعناية بمطرقته وسط دوائر صممها بخبرة أكثر من نصف قرن من العمل في حرف لا يعرف سرها وأتعابها إلا من ولج عالمها الخفي، وكأن سنون الحياة لم تزده إلا عزما على ترسيخ ثقافة العمل لتحصيل أجرة زهيدة، لكنها مثقلة بالكرامة والتحدي.
يخاطبنا من بين ما صنعت سواعده، ليحدثنا عن مسار مهني طويل انطلق من قبل الاستقلال ويتواصل إلى زمن الجائحة، مر فيه بأزمات وانتكاسات كثيرة، لكنه لم يستكن إلى الكسل رغم كل العواصف.
هو واثق بأن الوباء سينتهي قريبا، وأن الإنسان سينتصر في الأخير.
يواصل صناعة التحف بعزيمته التي لم تقهرها سنين عمره المتقدم أو هيستيريا الكورونا، تحف لو عرف مستهلكها حكايتها لجزم أن الإرادة سلاح لا يُهزم.
برهان اليحياوي