languageFrançais

عندما تهوى الطرقات وتُجابه الكوارث بالمنّة والمكرمة

مازالت ولاية القصرين تلملم جراحها وتحصى خسائرها من جراء تهاطل الأمطار بكميات غير مسبوقة مثل جل جهات البلاد، ومازالت عمليات البحث متواصلة عن مفقود بوادي البرك بمعتمدية العيون لليوم الثالث على التوالي باستعمال تعزيزات من فرق الغوص وبالزوارق التابعة للحماية المدنية على أمل العثور على جثة شاب جرفته مياه الأودية إلى مكان غير معلوم لعل العثور على جثته يخمد نارا اكتوت بها منطقة تُعزل برمتها بعد كل مرة تتهاطل فيها الأمطار بغزارة. 

مجهودات بُذلت من السلط الجهوية والمحلية لمجابهة الكوارث أو بالأحرى لمجاراة تتبعاتها وتضحيات كبيرة لوحدات الحماية المدنية والجيش والحرس الوطنيين بإمكانيات تكاد تكون معدومة، وصورة عون الحماية المدنية بالقصرين الذي ألقى بنفسه في سيول أحد الأودية عاري الصدر، وهو يواجه ذلك التيار المائي العنيف الذي حمل في مجراه الشجر والبشر والاخضر واليابس، بحبل وبقلب بحجم السيل والوطن ستبقى عالقة في الأذهان. 

لكن الشجاعة والإمكانيات البشرية وحدها لا تكفي ففي جلّ الولايات تعوّل الدولة على تجهيزات ومعدّات المقاولين لدعم مجهودات لجان مجابهة الكوارث بمكرمة ومنة منهم إن أرادوا لها سبيلا.

فالمعدات المتوفرة لدى الإدارات الجهوية للتجهيز وللفلاحة لا تكفي لمقاومة كوارث تمتد وتتواصل في عمادات ومعتمديات كثيرة ميزتها المسالك الفلاحية والطرقات البالية والمعابر المائية التي لا تتحمل التغيرات والتقلبات الجوية.

وقد تسبّبت الفيضانات الأخيرة في سقوط ممر مائي لا يتجاوز عمره 7 سنوات، عزل معتمدية ماجل بالعباس بالكامل، ف​​​تقنيا لا تحتمل هذه الممرات قوة سيلان المياه المتأتية من تهاطل الأمطار بكميات تفوق الـ 100 مم.

لكن تبقى حماية البشر والمحافظة على حياتهم واجب الدولة، ومسؤولية جماعية، تنطلق من حمايتهم من سيلان الأودية عبر تحويل حوالي 3000 معبر في كل ولايات الجمهورية إلى جسور لا تؤثر فيها الأودية ولا حتى الفياضانات لتتحول سياسة لعب دور رجل المطافئ في الكوارث الطبيعية إلى استراتيجية واضحة تحافظ فيها الدولة على سلامة مواطنيها. 

برهان اليحياوي