رحلة مكافح صغير ..
استعد عزيز للعودة المدرسية في صباح اليوم الجمعة 15 سبتمبر 2017، وهو تلميذ أصيل قرية غرداية التابعة لمعتمدية بني خيار من ولاية نابل.
عزيز ذو العشر سنوات يدرس بالسنة خامسة من التعليم الأساسي، وقبل مغادرة منزله، تحقق بيديه الصغيرتين من محتويات حقيبته المدرسية وغاب للحظات في حضن أمه مودعا إياها ومتبركا بلمساتها الحانية ودعواتها بالتوفيق.
وحتى يصل عزيز إلى المدرسة عليه أن يقطع خمسة كيلومترات مشيا على قدميه، غير أنه يختصرها في حوالي ثلاثة كيلومترات عبر استعمال مسالك ريفية تبدو اليوم سالكة في طقس صحو وشمس مشرقه.. لكنها تصبح في يوم ممطر من أيام الشتاء عذابا حقيقيا حيث تغرق قدماه مرارا في الوحل وفي مياه الأمطار.
طريق الذهاب هي نفس طريق العودة، مسلك فلاحي يضيق أحياناً ويتسع أحيانا أخرى.. يتسع لمخاطر عدة خاصة في المساء حين تظلم.. وقد يباغته كلب يبث في قلبه الرعب غير أنه يلقمه حجرا ويواصل طريقه.. موزاييك تقاسمت معه خطواته في هذا المسلك.. خطوات متلهفة للقاء مدرسته وأصدقائه.. أمام المدرسة التقى أصدقاءه الذين وصلوا بدورهم، لكنهم يبدون أكثر حظا منه إذ لم يتنقلوا سيرا على الأقدام.. بل في شاحنة نقل بضائع، وتحديدا في العربة الخلفية دون غطاء يقيهم غبار الطريق أو شمس هذا اليوم أو مطر الشتاء القادم..
لكنها تبدو تفاصيل لا تثقل كاهل عزيز الذي لا يشغل باله الآن سوى الانضباط في الصف لتحية العلم.. ورفقة زملائه أنشد بحماس "هلموا.. هلموا لمجد الزمن".
سهام عمار