languageFrançais

سيدي بوزيد.. وجهة واعدة لتربية النحل وإنتاج حبوب اللقاح

أكدت المقاربات العلمية الحديثة أن سيدي بوزيد تمتاز بمقومات مناخية وتنوع نباتي بيولوجي فريدين من نوعهما ما يمكنها من بلوغ مراتب متقدمة في تربية النحل وطنيا وإفريقيا وعالميا - وفق مخرجات ندوة علمية جهوية- أنتظمت اليوم الأربعاء 14 ماي 2025 في إطار الإحتفال بالأيام الفلاحية بسيدي بوزيد تحت عنوان" تربية النحل  وفق النمط البيولوجي " أثثها محمد شوشان رئيس قسم الفلاحة البيولوجية بالمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بسيدي بوزيد بحضور وعدد هام من مربي النحل والمسؤولين الفلاحيين بالجهة. 
 

أرضية خصبة لتطوير تربية النحل

وبيّن الدكتور شوشان في محاضرته أن سيدي بوزيد تتوفر بها الظروف الملائمة والمواتية لتربية النحل على مدار السنة وفق النمط البيولوجي المطلوب بمعنى أن الغطاء النباتي العسلي الذي توفره كل من أشجار اللوز والحرمل والسدر والكالاتوس بالجهة يستهوي النحالين من خارج الولاية أثناء رحلاتهم للبحث عن المراعي لتقوية ولتفريخ النحل خلال فترة معينة وجمع منتوجه (العسل ) خلال فترة أخرى إلى جانب توفر مناخ إستثنائي  خاص وملائم لتربية جيوش  النحل ونموها، سيما وأن سيدي بوزيد محاطة بالجبال من كل الجهات تقريبا وهذا ما يدحض نظرية " موت النحل بالبرد أو الصقيع شتاء " مثلما يحدث في الشمال والجنوب التونسيين.

98% من أراضي سيدي بوزيد سانحة لتنمية وتنوع النحل

وقال شوشان إن سيدي بوزيد تمتاز بأراض غير ملوثة خاصة وأن 55% منها تحيط بها الجبال وهي مستغلة فلاحيا من حيث إنتاج الزياتين والكروم والتين الشوكي وغيرها وهي كذلك ( الأراضي) سهلة من حيث الولوج إليها وهذا مؤشر إيجابي يضمن قيمة إضافية في إطار تثمين العسل البيولوجي الذي يمكن له أن يضاهي العسل الأوروبي وخاصة بعد أن صادقت الجهات الرسمية على كراس شروط مطابقة للمواصفات الأوروبية في الانتاج الحيواني ولاسيما في العسل.

شجر"الطلح" ميزة إضافية

وبيّن شوشان أن شجر الطلح يعد ميزة إضافية لا تتوفر الا في سيدي بوزيد تنضاف إلى ما تقدم ذكره من مناخ ملائم وتنوع بيولوجي وفضاء نقي وسليم وتعد مناطق كل من معتمديات "المزونة" و" المكناسي" و"منزل بوزيان"  من أهم المناطق المنتجة للأشجار الطلحية ( المنتجة لحبوب اللقاح ) والعاسلة ( المنتجة لكميات كبيرة من العسل) ذات جودة عالية وخصائص  فيزيائية وكيميائية وطبية وهذا عامل إضافي يجعل من عسل سيدي بوزيد  قادر على منافسة عسل اليمن أو العسل المسكر في النيبال.

سيدي بوزيد قطب مميز للطب البديل  

وأوضح الدكتور شوشان أن ما لا يعلمه أغلب الناس بمن فيهم النحالون وخاصة المبتدئون منهم أن النحل التونسي ينحصر في 4 أنواع منها المنتجة للعسل ونسبتها لا تتعدى 2% وهي التي يعول عليها النحالون كثيرا ويولونها الأهمية البالغة في حياتهم اليومية ومنها التي تميل إلى التفريخ وتناهز 98% (غير مستغلة رغم أهميتها الكبيرة).

وحتى يتسنى للجهات المعنية بتربية النحل تثمين الموروث الجيني للنحلة التونسية الذي يرتكز عليه فلسفة الفلاحة البيولوجية، وجب عليهم إستغلال تلك الشريحة (الشريحة الثانية من النحل ذات النسبة العالية ) بطريقة مبتكرة علمية جديدة وترتكز على مبدأ الفهم الجيد للخصائص الفيزيائية للنباتات المتوفرة في سيدي بوزيد وإستشراف السوق العالمية وحاجياته للطب البديل القائم أساسا على الطلب المتزايد لمنتوجات  " العكبري "و"سموم النحل" و" هواء النحل "و" الخثيرة الملكية " و" حبوب اللقاح " وغيرها - بحسب ما يستشرفه شوشان حول تربية النحل .

حرب الملقحات

بناء على المعطيات المذكورة ، بات من الضروري توفر إرادة قوية لتأمين منتوجات خلايا النحل في ظل التغيرات المناخية لما لها من أهمية في الحياة اليومية من جهة فضلا عن ضرورة تظافر الجهود وتدخل الجهات المسؤولة لتنمية القطاع في الجهة من أجل خلق فرص الشغل وتوفير العملة الصعبة (أسواق خارجية في الشرق وكذلك في أوروبا ) من جهة ثانية. وبات من أوكد الضروريات العمل على خلق منصة إقتصادية طبية وتشغيلية ذات إشعاع وطني وإفريقي أساسا.

وشدد شوشان في خاتمة مداخلته على أن التغيرات المناخية تفرض على الإستراتيجيين أن يستشرفوا واقعا وأرضية ملائمة لتأمين الأمن القومي الغذائي سيما وأن الفلاحين الحاليين منهم من  توجه في نشاطه الفلاحي إلى التركيز على البيوت المحمية التي تستوجب بالضرورة إستحضار ملحقات لضمان جودة المنتوج وهذا ما يتطلب نفقات إضافية وكما هائلا من العملة الصعبة لذلك فإنه يتحتم على الفاعلين في القطاع الفلاحي أن يعتمدوا على إستخراج حبوب اللقاح من النحلة التونسية التي تتميز بوفرة الإنتاج من هذه المادة (حبوب اللقاح) وتخصيصه لإنتاج  الملحقات التي باتت ضرورة حتمية لتقوية مردودية الإنتاج الزراعي تحت البيوت المكيفة وذلك لتلبية حاجيات السوق من منتوجات الخضر والغلال في البلاد التونسية وكذلك في أفريقيا التي أضحت تمثل سوقا واعدة.

محمد صالح غانمي